أم النعام.. الشرقية والغربية!!
غرب المفرق..
أيها المرتحل هناك، تابع مسيرك، تجاوز المنطقة الحرفية، ورجم سبع، ستصل بعد ذلك مباشرة إلى أم النعام، تلك القرية التي ستبوح لك ببعض ما لديها من تاريخ حول البشر، والحجر فيها، وهي الموزعة تحت ذات الاسم لتكون أم النعام الشرقية، وأم النعام الغربية، بينما هي في الحقيقة قرية واحدة، مجبولة بطيبة الناس، ومعروفة بوحدة الذاكرة الجمعية فيها.
وهي في مكانها على بعد حوالي ثمانية كيلومترات من مركز مدينة المفرق، يمكن تدوين موقعها بأنه يحدها من الغرب منشية بني حسن، ومن الشرق المفرق والبويضة، ومن الشمال قرية صرّة، ومن الجنوب قرية رحاب.
أما اسمها فيشير كبار القرية، إلى أنه ربما كانت في زمن مضى تواطنها قطعان من النعام، وبأعداد كبيرة، فأخذت هذه التسمية، وبقيت مرتبطة بها، رغم عدم وجود النعام فيها في الوقت الحالي.
"زمان أول"
تشير الخريطة الاجتماعية للقرية إلى أن كل سكانها هم من عشيرة المشاقبة من بني حسن، غير أنه يقطن أم النعام الغربية عائلة الجرايدة والحوامده من المشاقبة، بينما في أم النعام الشرقية فهناك عائلة العمارين من المشاقبة.
ولتتبع سيرة الاستقرار لهذه العائلات في القرية، وبعض المناطق المحيطة بها، يمكن فتح سجل الذاكرة من خلال أحاديث الكبار الذين يحفظون ما تيسر مما توارثوه من قصص وحكايات الآباء والأجداد، حيث يقول المختار سرور أحمد جليل الجرايدة " أبو فيصل" بأن المشاقبة " كانوا في قويشان، بين جرش والمفرق، وبعدين اجو إلى بويضة، وبعد هيك سكنوا أم النعام، في بداية القرن الماضي، وكانوا يسكنوا في بيوت الشعر، والمغر".
ويتوافق مع هذا الحديث ما قاله الحاج حسين ذيب إبراهيم أبو سماقة "أبو حلمي"، الذي استشهد بما سمعه من جده إبراهيم ابو سماقة الذين كان معمرا، وتوفي عن عمر 120 سنة، والذي قال أنه " كان أهل المنطقة من بني حسن، وكانوا أهل بيوت شعر، يعني لا هم بدو كاملين، ولا حضر كاملين، والخرب اللي بهالقرى لقوها من زمان قديم، وأهلنا كانوا قبل هيك في قويشان وخطلة، وكانوا يشرقوا ويغربوا بحسب الزراعة، والربيع، والميه، وكان المنطقة هان لبني حسن، ولما قسموا بني حسن الأراضي بينهم، طلعت أم النعام من حصة المشاقبة، ولما اجاها جدودنا، الله أعلم انهم لقوا فيها نعام بري، وكان اسمها ام النعام من زمان أول".
الخربطة
يضيف كبار القرية حول تفاصيل قرية أم النعام، في أنه كان هذا الاسم يطلق هذا على منطقة أم النعام الغربية، وكان يطلق عليها في مخططات الأراضي تسمية حوض الخربطة، بينما أم النعام الشرقية كان اسمها رجم سبع.
ويمكن رصد بعض تسميات أحواض القرية بالإضافة إلى حوض الخربطة، وهي حوض الحوية الشرقية، وحوض الحوية الغربية، وحوض المسعّر، وحوض مذبّح البقر، وحوض الهويرية، وحوض رجم سبع التابع لأم النعام الشرقية وتسميته ترجع إلى أن أهل المنطقة " أول ما اجو هان شافوا سبع بري فصار اسمه رجم سبع، وبنفس المكان فيه بيار اسمها بيار رجم سبع، ومغاره اسمها مغارة سبع". وإضافة إلى هذه الآبار فهناك في القرية منطقة يوجد فيها آثار قديمة، وفي هذه الجهة يوجد أيضا "سيح برد القاسم"، وهو معروف لدى أهل القرية، كما أنه يمر بجانب القرية خط التابلاين الذي ما تزال أنابيبه موجودة هناك .
و إضافة إلى ما سبق، فإنه يشكل جزءا من القرية وادي حنو الحصان، الذي يمتد من المفرق حتى رحاب، ويصل إلى الغدير الأبيض، وإلى درعا.
القائمقامية
فيما مضى من الزمان، كانت أم النعام تابعة اداريا إلى جرش، وكان أهل القرية يسجلون المواليد، والطابو، وكل ما يخصهم في القائمقامية في جرش، التي كانت تابعة إلى اربد.
وفي نهايات تلك الفترة استقر أهل القرية وبنوا في ام النعام، وكان من أوائل من بنوا بيوت حجر وطين هايل أبو سماقه، وزايد أخو فلحة، وغيرهم من أهل القرية.
المجلس القروي
قبل ضم البلديات، يتحدث أهل القرية، أنه كان هناك مجلس قروي في أم النعام الغربية، وبلدية في أم النعام الشرقية، وكان المجلس القروي قد تأسس عام 1976م، وكانت رئاسته بالتوافق كل أربع سنوات، وأول رئيس له هو عبد الله خليل، وبعده سليم حسن، ثم فايز خليف، والرابع على مدار دورتين هو محمود العبد الله ثم انتقلت القرية لتكون من ضمن بلدية المفرق.
"شِفِيْعَه"
كلما ذكر اسم "شفيعة"، تكون ابتسامة، واستعادة لذاكرة فيها بعض خرافة، وشيئا من الأسطورة، لكنها متعلقة بأهل القرية، ومرتبطة بجزء من الموروث الشفوي للعائلات فيها.
تقول الحكاية، والراوي هنا هو المختار حسين أبو سماقة(ابو حلمي)، الذي تحدث بعد ابتسامة، وتعديل في وضع جلسته، استعدادا لبدء القصة التي قال إن بعضها خرافة، لكنها صارت متوارثة، وشعبية مرتبطة بأناس هذا المكان، و ( الشِفيعة، هو الغزل المستخدم لنسج السجاد، يسموه الناس شفيعه، يعني كُبّة، وكان من الصوف، أو الشعر، أو القطن، كله يسموه شفيعه.
ويقال انه زمان أول كان واحد فارس وخيّال، وهو ماشي لقي شفيعه بطريقه، فقام حملها وحطها بالخرج، وانها تتحرك، وتتكلم، وتقول له أنا بنت من الجن، وأنا مطروده من عند اهلي، فقام وحملها من الخرج، وركبها وراه، ويعدين اتزوجها، بعد ما وافق على شرطها وهو انه ما يطلعها من بره لا بالليل، ولا لما تشتي وتبرق الدنيا..
مرّت سنين وهو متزوجها،وخلفت منه بنت، لكنه بعد فترة كرهها، وصار ودوا يخلص منها، فطلب منها إنها تجيبلو شغله من بره وكانت الدنيا ليل وبرق، ولما طلعت بهذاك الوقت اختفت، لكن ظلت بنتها اللي رباها أبوها، وبعدين خذاها واحد من جدودنا، وخلفت منه، وهذه قصه الكل يحكي بيها وهي خرافة، لكن كل ما تنذكر شِفيعه، تنذكر هذه القصة، والله اعلم"..وانتهى من حديثه بابتسامة كما كانت البداية.
مع الثورة
لأهل القرية ذاكرة مع الثورة العربية الكبرى، ومع مقاومة الأتراك في تلك الحقبة..
يتحدث أهل أم النعام أنهم شاركوا في تلك الحركة ا لعربية ذد الأتراك، بشكل مجموعات فردية،" فزعة ضد مظالم الدولة التركية، ومن اللي شاركوا بيها مثل زايد اخو فلحه، وابراهيم أبو سماقه، ونايف أبو فلاحه، وجابر أبو سماقه، وغيرهم من اللي قاتلوا وكانوا يغيروا على حملات الجيش التركي بالخيل، وينهبوا منهم غنايم وكانوا يجيشوا مع فخذ من الشديفات، وانقتل بهذيك الغارات عفاش ابن شديف ، وهذا كله صار لمنهم سمعوا بالثورة، فقاموا وقاوموا من عندهم من قبل ما تصلهم جيوشها، وبدوا يقاتلوا الأتراك وين ما يلاقوهم.."
الخطيب أحمد
المسجد الذي يشرف على بنائه المختار سرور الجرايده، ومعه لجنة من أهل القرية، يعد نموذجا للمساجد الحديثة، في القرى، وهو بقبته الزرقاء، وبهندسته المميزة، يجعل من البدء به فاتحة طيبة للحديث عن المساجد والمدارس، في القرية، التي يعتبر أقدم مساجدها هو مسجد أبو عبيده الذي كان فيما مضى، وقبل أن يتم افتتاح المدرسة، هو المكان الذي كان يتم فيه تدريس الطلاب، فقد كان الشيخ أحمد الخطيب، هو المدرس في الجامع، " وكان يوخذ كل آخر سنه علبة قمح، وهذا كان هو وأخوه وأبوه خطبا في القرى، فأخوه محمد كان بأم النعام الغربية، وأبوه حسن كان خطيب بالمنشية، وهذا الحكي بالثلاثه وخمسين، والخطيب احمد كان قبل هيك عسكري بالجيش، والتدريس بالجامع ظل لحد الثمانية وخمسين، بعدين عمروا غرفيتن للمدرسة"..
أما العيادة في ام النعام فقد كانت في الزمن الماضي عيادة صحة أنشئت عام 1976م، وتم استئجار بيت عند سليمان الأحمد الخالد ابو سماقه لهذا الغرض، وبقيت ثلاثة سنوات، ثم تم تعمير بناء خاص للعيادة بدعم من بعض المنظمات الإنسانية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق