الطريق الى الفدين ..المفرق

الطريق الى الفدين ..المفرق

حين سار الركاب الملكي الى المفرق يوم الثلاثاء كنت أتابعه من سفري في السويد ..فقد حط هناك وحط معه الامل وإذ تسطع شمس الاهتمام الاردنية الآن على الفدين ..(المفرق) ويجري التركيز بعد ان اقلعت العقبة (المنطقة الاقتصادية الخاصة) وشبت عن الطوق واصبح لزاما الانتقال الى غيرها لخدمته حتى يبلغ ما بلغته العقبة من اقتصاد وعمل وحركة وتفاؤل بالمستقبل فإن البشرى لا بد ان تترجم بالارادة .. ماهي الفدين ؟وهو اسم المفرق.. إذ ان كلمة المفرق حديثه وسوف ابحث عن مصدر هذا الاسم الذي ورد ثلاث مرات في كتاب تاريخ شرق الاردن وقبائلها للضابط الانجليزي «فردريك بيك» ولكنني سأتوقف عند كلمة الفدين .وإليها ينسب العديد من العلماء والفقهاء فيقال الفديني..وهي من ارض حوران .وقد اهتم بها الخليفة الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان وقد وصلها الفقيه عبد الرحمن بن محمد بن ابي بكر الصديق استجابة لدعوة الخليفة الوليد ليستفتيه في مسألة الطلاق قبل النكاح .وحين وصل مات قبل ان يقدم الفتوى فدفن في المفرق (الفدين) وهو حفيد ابو بكر الصديق (رضي الله عنه) كما عاش فيها ايضا حفيد عثمان بن عفان الاموي العثماني الفديني وكان قد عاش زمن المأمون وادعى الخلافة والفدين في الاصل هو قلعة (حصن) سمي بهذا الاسم وقد جرى تهديمه وتخريبه بسبب تلك الدعوة وبعدها جرى تخريب حصن زيزياء أيضا..وكانت الصدامات قد قامت بسبب الخلاف ما بين القيسية واليمنية في صراع امتد قبل ذلك وبعده.. والفدين (المفرق الآن) هي تصغير الفدن وهو القصر المشيد .. اليوم تتوجه انظار الاردنيين الى موقع الفدين المفرق لما لتلك المنطقة من اهمية قصوى تتربع في مفترق الطرق بين الشام والعراق حيث ملتقى الحج العراقي والشامي قبل السير الى الحجاز وحيث اهتم الايوبيون والاخشيديون بهذه المنطقة التي كانت جزءا من حوران وعاشت فيها قبائل كريمة..كما اهتم الانجليز لاحقا بالمنطقة التي عرفت نقاطH4 (الاجفور وامتداداتها على خط النفط بدايات القرن الماضي) (H3).. (H2 ) حتى حيفا ..ابتداء من بغداد.. المكان فيه ماء وامتدادات من الارض الزراعية الواسعة واختياره ليكون منطقة اقتصادية تنموية هكذا فهمتها وليس اقتصادية خاصة لما للخاصة من قوانين وانظمة مختلفة ..سيكون له اهمية كبرى في اكثر من مجال سواء في مجالات الصناعة او الزراعة او حتى السياحة وتجارة الترانزيت .فالفدين او المفرق هي البوابة الى العراق والى سورية ايضا وهذه البادية الهامة التي كانت مشتى الخلفاء الامويين وعائلاتهم على مدى تاريخ الحكم الاموي ابتداء من معاوية بن ابي سفيان اول خلفاء الامويين ومرورا بعبد الملك والوليد وسليمان وهشام وغيرهم ووصولا الى صقر قريش عبد الرحمن الداخل الذي بنى مملكة الاندلس فقد حطوا فيها وتزوجوا من نسائها (ميسون الكلبية) زوجة معاوية بن ابي سفيان الشهيرة هي منطقة الفدين وقد طلقته حينما رفضت قصره في الشام ورغبت في بيوت الشعر عند اهلها في البادية وقد قالت في ذلك شعرا لبيت تخفق الارياح فيه احب الي من قصر منيف وفي بادية الفدين او المفرق اقيمت قصور الامويين الاستجمامية لتمضية فترات الصيد والشتاء ومنها قصير عمره وقصر الحلابات والخرانة وغيرها وقد كتب عن ذلك بالتفصيل استاذنا الدكتور فواز طوقان. اعتقد ان المنطقة الاقتصادية التنموية في المفرق سوق تقلع بسرعة وسوق تتوفر لها اسباب النجاح ليس لرصد (750) مليون دينار لها وانما لتوفر ارادة القائد الملك عبد الله الثاني في الرهان على هذه المنطقة ولتوجه الاردنيين المبكر لها حيث تنتشر المزارع والمصانع ويتوفر الماء واعتقد ان المفرق ستشهد بناء عديد من المدن الاسكانية والتطويرية المميزة حين يبدأ عمل المطار فيها بعد تطوير مطارها العسكري الى مدني او انشاء مطار آخر فالمنطقة حية في الاصل لقرب جامعة آل البيت منها كما ان الطريق الى الشرق في ام الجمال التاريخية الشهيرة مازالت تبحث عن احياء واستثمارات سياحية واسعة وبعث منطقة صيد دولية على مستوى الحباري والصقور وتدريبها وايضا انشاء (حلبات) كما كان الامر في التاريخ لتلك المنطقة وهي حلبات السباق والمصارعة حيث اخذت المنطقة (الحلبات) او الحلابات بعد تحريفها من تلك الفنون الرياضية.ولذا فان الدعوة قائمة لانشاء مضامير للسباقات من الخيل والهجن ومواقع رياضية عديدة منها سباقات الرالي وايضا دراسات جامعية للفلك والمراصد والصحراء والنبات واستثمار ما في المفرق سطحا وجوفا من معادن هامة ستكشف عن ثروات قد يتفاجأ بها الاردنيون.. سلطان الحطاب

المصدر: جريدة الرأي رقم 13207

التاريخ: 26/11/2006